لا حديث يعلو فوق حديث كرة القدم هذة الايام في ظل إحتدام منافسات كرة
القدم في جنوب افريقيا بوصول كأس العالم 2010 الى مراحله النهائية, و هو ما
يجعلها أفضل مناسبة لنتحدث عن .. ملاعب كرة القدم. عذرا, نحن لا نزال
نكتب عن التقنية, و ليست لدينا النية في
الوقت الحالي في التحول الى الكتابة الرياضية, و لكننا سنتحدث هنا بعيدا كل
البعد عن تحليل الاداء الرياضي للفرق المتنافسة, سنتحدث عن تلك التقنيات
الهائلة التي تخفيها بين جنباتها ملاعب كرة القدم الحديثة, سنتحدث عن
الجانب الآخر, عما يدور وراء الكواليس و تديره فرق تقنية مكونة من مئات
الافراد تعمل في صمت لتصل الينا لحظيا هذة الصورة عالية الجودة لكل ما يدور
على بعد آلاف الكيلومترات .. حقا, إنها ملحمة تقنية متكاملة الجوانب.
في الوقت الذي قد تبدو فيه جميع هذة الملاعب متشابهة الى درجة بعيدة
عندما تراها, إلا أن الإختلافات التي تقدمها ملاعب كرة القدم الأحدث و التي
تم إنشائها و تزويدها بأحدث تقنيات الإتصال و النقل الرقمي تجعل المقارنة
مستحيلة و الفوارق شاسعة بين ملعب كرة قدم و آخر. ربما تشترك جميعها في
العشب الأخضر, و لكن ما سنتحدث عنه هو تلك الملاعب التي تقدم ما يتجاوز
كثيرا هذا العشب الأخضر و ترقى لتوصف بأنها قلاع إلكترونية فائقة التقدم.
بداية لندرك واقع الحاجة لوجود هذة التقنيات المتقدمة في ملاعب كرة
القدم, فإننا سنحتاج الى لفت النظر الى تلك الأرقام التي أعلنتها شركة
الإتصالات النمساوية Telekom Austria حول حجم البيانات التي تم تبادلها عبر
شبكات الإتصال الخاصة بالشركة و التي تم استخدامها لنقل كأس الأمم
الأوروبية عام 2008 و التي أقيمت بين سويسرا و النمسا, حيث نقلت شبكة
الإتصالات النمساوية كم من البيانات يقدر ب2 بيتا بايت أو ما يعادل 2000
تيرا بايت و هو ما قدر ب5 أضعاف المحتوى الرقمي الناتج عن تحويل كل ما كتبه
البشر على الإطلاق من كتب مطبوعة و الإحتفاظ بها إلكترونيا. و لكن, لا عجب
في ذلك, فالنقل الحي للبطولات الرياضية الكبرى هذة الأيام يتضمن نقل البث
عالي الجودة بل و النقل ثلاثي الأبعاد كذلك مؤخرا فضلا عن التراسل و
الإتصال بين الوسائل الإعلامية التي تعمل في تغطية هذة الأحداث الكبرى.
إذا, كيف تتأقلم ملاعب الكرة الحديثة مع هذا الضغط الهائل ؟؟ ..إستاد سانتياجو بيرنابو في مدريد و ملعب إليانز أرينا في ميونخ, هذة بعض
الأمثلة لتلك الملاعب العملاقة التي زودت بتقنيات فائقة للتأقلم مع هذة
الاوضاع الجديدة, تقنيات تبدأ بمحولات البث التقليدي الى بث رقمي يتم نقله
عبر شبكة متكاملة من الكابلات الشبكية تغطي البناء كاملا و تمر بأنظمة
المراقبة الرقمية المتكاملة التي تتضمن كاميرات المراقبة و أنظمة الإنذار و
التنبيه و ترتبط بشبكة الأمن و تنتهي بوجود على القمة باحتواء كل من هذة
الملاعب على مراكز البيانات - Data Center - الخاصة بها و المماثلة في
قدراتها لما تملكه مقرات شركات إستضافة مواقع الإنترنت العملاقة و تعمل
مراكز البيانات تلك على تزويد المتعاملين مع هذة الملاعب كل بما يحتاجه,
حيث تتضمن قواعد بيانات خاصة للاعبين و المدربين إضافة الى شبكة داخلية
خاصة للمشاهدين من عشاق كرة القدم بحيث يمكنهم تصفح قدر هائل من مقاطع
الفيديو, الصور, التقارير, الإحصائيات و الأخبار حول الفرق المتنافسة و
المباريات التي تجري على أرض الملعب.
هذا الشكل من التقنيات و وسائل الإتصال لم تعد مجرد وسائل رفاهية بل
أصبحت اليوم متطلبات افتراضية عند بناء استادات كرة القدم العملاقة و التي
كان آخرها ملعب Donbass Arena في أوكرانيا و الذي تم الإنتهاء من إنشائه
مؤخرا ليشارك في استضافة مباريات كأس الأمم الأوروبية عام 2012 و الذي كشفت
شركة R&M السويسرية - التي تولت مهمة تزويده بتقنيات الإتصال - عن
قيامها بتنصيب أكثر من 400 كيلو متر من كابلات الربط الشبكي Cat. 6 و 60
كيلو متر من كابلات الألياف الضوئية فائقة السرعة لهذة الاغراض. و هو ما
يجعلها أكبر شبكة إتصال و ربط شبكي يتم تنصيبها في أوكرانيا على الإطلاق.
و لكن هل يتوقف إستخدام التقنية في مجال كرة القدم عند هذا الحد
؟؟!! بالقطع لا, فقد تم الإنتهاء فعليا من تتطوير تقنية شريحة
التعقب الإلكترونية التي يتم تضمينها بداخل كرة القدم و تسمح بتحديد موقع
الكرة لحظيا بدقة تصل الى بضعة ملليمترات و تتواصل هذة الشريحة الإلكترونية
مع أنظمة تعقب يزود بها ملعب كرة القدم و يتم إستغلالها في تزويد حكم
المباراة ببيانات تتعلق بعبور الكرة لخط المرمى و غيرها من البيانات التي
قد يحتاج اليها عند اتخاذ قرارات حاسمة أثناء المباراة و إن كان استخدام
التقنية لا يزال بانتظار إعتماد الفيفا للبدء في استخدامه كما يتم استخدام
التقنية ذاتها في تعقب الكرة بواسطة كاميرات التصوير التي تنقل المباراة
للمشاهدين.
منقول من سوالف سوفت * الصورة لملعب Donbass Arena الجديد في أوكرانيا